3- تدمير محطة برلين
في عام 1941 كانت الحرب العالمية الثانية على أشدها بذلت القوات البريطانية جهوداً متكررة لدمير محطة السكة الحديدية الرئيسة في برلين بإعتبارها مركزاً حيوياً للموصلات , وكان تدميرها يعني إشاعة الفوضى في كل مكان في هذه المدينة الكبيرة , و لكن المحاولات التي قامت بها القوات البريطانية لتحقيق هذا الهدف باءت كلها بالفشل . وكان الألمان يدركون هذه الحقيقة فأرادوا إستغلالها , ولذلك سارعو بنشر تقارير غير مؤكدة توحي بأن الإنجليز قد نجحو فعلاً في محاولاتهم لتدمير المحطة , وعندما وصلت هذه الأخبار الىبريطانيا إعتبرها الإنجليز تأكيدا و إثباتاً لنجاح محاولاتهم , فأذاعوا هذا الخبر من إذاعتهم , و حينئذٍ سارعت وزارة الدعاية الألمانية فدعت مراسلي الصحف الأجانب لزيارة محطة السكة الحديدية التي إدعت الإذاعة البريطانية أن القوات الإنجليزية قد دمرتها , ولم تكن المحطة قد أصيبت بأي سوء فقد بادر مراسلوا الصحف يكتبون الى جرائدهم مكذبين واقعة التدمير التي أذاعتها محطة الإذاعة البريطانية .
وكان هدف وزارة الدعاية الألمانية من هذه الحيلة الذكية كشف كذب الإذاعة البريطانية أمام الرأي العام العالمي فتفقد هذه الإذاعة ثقة المستمعين في كل ما تقدمه لهم .
وفي هذه القصة ناحيتان مختلفتان هما محاولة تدمير محطة السكة الحديدية الرئيسية في برلين , و الناحية الأهم إستغلال الألمان لفشل الإنجليز في هذه المحاولات في تشكيك الرأي العام العالمي في مصادر أخبار بريطانيا بوجه عام ثم التشكيك أيضا في مقدرتها بوجه خاص .
كانت ألمانيا أكثر براعة في الرد على فشل محاولة نسف المحطة , فأصدرت تقارير غير مؤكدة بنجاح هذه المحاولة , و تعتبر هذه التقارير شبيهة بالشائعات التي تسمى الشائعات الكاذبة التي تنشر بسرعة , ذلك النوع من الشائعات التي تسمى شائعات الأمل و التي فيها يصدف الفرد ما يتفق مع آماله و أمانيه من أخبار كاذبة , و لهذا سرعان ما صدقتها بريطانيا , فهي تساعدها على تأكيد ذاتها على قوتها و تزيد من ثقتها بنفسها .
وقد بلغ من شدة إمتصاص بريطانيا لهذا الخبر الكاذب أنها أصبحت تتردد هذا النبأ على أنه صادر منها وهو ما يحدث في الشائعة تماماً حيث يقبلها المستمع و يبدأ في ترديدها و كأنه هو مصدرها بل و يؤكد صدقها.